عندما كنت أتجول بأزقة المدينة العتيقة لفاس عاصمة المغرب الروحية استوقفتني إحدى المعالم التاريخية التي تعد تراثا إنسانيا عالميا و هي باب من أهم وأجمل أبواب الأسوار العتيقة المحيطة بمدينة فاس البالي يتميز بهندسة أندلسية مغربية فريدة و يتوسطه باب رئيسي كبير خاص بمرور العربات والدواب و بابان ثانويان صغيران للراجلين و تعلو هذه الأبواب الثلاثة المقوسة فسيفساء تضم زخرفة نباتية تمثل توريقات متشابكة بطريقة متقنة و رائعة كما يحيط بهذه الصفحة شريط زخرفي هندسي بديع و لهذا الباب التاريخي واجهتان يحملان نفس الزخرفة إلا أنهما يختلفان في اللون فالواجهة المطلة داخل السور اي المدينة العتيقة زخرفت باللون الأخضر و الواجهة المطلة خارج السور أي المدينة الجديدة زخرفت باللون الأزرق و لا شك أن هذا الإختلاف في اللون له دلالات
و الباب هذا يسمى باب أبو الجنود كما تظهر الصورة و يعرف عند عامة الناس بباب بو الجلود... حقا باب في منتهى الجمال و الروعة
وبعد اجتيازي هذه المعلمة الجميلة في اتجاهي خارج السور المحيط بالمدينة القديمة أثار انتباهي تحليق كثيف للخطاطيف و هي تطير في اتجاهات مختلفة و متشابكة الشيء الذي دلني على أن هناك بنايات ترابية عالية
لأن هذا النوع من الطير يتخذ عادة أوكارا له بثقبها مثل اسوار و قصبات مدننا المغربية العتيقة كمدينة مراكش و غيرها فأينما وجدت الأسوار الترابية و القصبات الشاهقة وجدت الخطاطيف
فعلا اندهشت عندما تواجدت بساحة مترامية الأطراف تسمى ساحة بوجلود تحفها أسوار شاهقة و أبواب مقوسة توصل إلى المدينة الجديدة و على غرار ساحة جامع الفناء بمراكش فهي تضم أحيانا بعض حلقات الفرجة و الباعة المتجولين الذي يقصدها الناس
و أنا أتجول بساحة هذه المعلمة الثقافية الممتلئة بالناس وأتفرج على حلقاتها إذ أثار انتباهي تواجد قصبة جميلة ضخمة تعرف بقصبة النوار بنيت قديما و كما يبدو بالحجر و الياجور الأحمر و التراب و مادة الجير
و هذه القصبة التي تحمل بصمات هندسية موحدية بديعة تعد من أهم الأبواب المحيطة بساحة أبوالجنودكما تعتبر مدخلا رئيسيا إلى حي الكائن بالمدينة العتيقة و متعة جميلة أتمناها للأصدقاء الكرام و شكرا جزيلا